الاثنين، سبتمبر 08، 2008

هذه بلادي لم تعد كبلادي




المشهد الأول:


تدخل بهية إلى بيتها المتواضع الذي هو عبارة عن عشة تحت سفح الجبل وهي تحمل العديد من الحقائب ، تجد اختها سنية تنتظرها وهي تحمل طفلة رضيعة بين يديها.


بهية: أهلا يا سنية جيتي امتى من السفر؟؟


سنية: جيت من يجي ساعة وجوزك فتوح فتح لي الباب وخرج يعمل مشوار، حمد لله على سلامتك يا اختي، ما شاء الله البت زي القمر طالعة لامها.


بهية: الله يخليكي يا اختي ، هو فتوح مقلكيش رايح فين.


سنية: قال رايح يجيب بقية حاجة السبوع، ألف مبروك ، تتربى في عزك.


بهية (وهي تضحك بصوت عال): قوللي تتربى في فقرك، عز مين بس ما انت عارفة البير وغطاه، ده هي العشة دي اللي أويانا ويدوب الشغلانة بتاعة فتوح اللي بتجيب قوت اليوم، ده ربنا ساترها على عبيده.


سنية: قال صحيح مش كان المفروض يسلموكوا الشقة الجديدة اللي في المساكن بتاعة الحي.


بهية: اديكي قولتي بلسانك، المفروض، هو من امتى المفروض يحصل بيحصل، كله كلام في الهوا، بتوع الحي يقولوا روحوا للاسكان وبتوع الاسكان يقولوا روحو للحي، وفي الآخر الشقق بتروح للناس اللي هما عايزنهم ويسكنوا فيها اللي على مزاجهم، حسبي الله ونعم الوكيل.


سنية: معلش بكرة تتعدل المهم وريني جبتي ايه للبنت.


المشهد الثاني:


انهيار صخري وصراخ وعويل ومن تحت الأنقاض يصدر صوت بهية.


بهية: بنتي يا ناس محدش شاف بنتي، بنتي يا سنية، بنتي يا فتوح، بنتي يا ناس


سنية: اهدي يا بهية، اهدي الحكومة هتيجي وتطلعنا من هنا، ان شاء الله هتلاقي بنتك سليمة وزي الفل.......


أصوات الصراخ تتعالى وانهيار المزيد من الصخور


المشهد الأخير:


بهية: سنية انتي مش بتردي عليا ليه، فتوح انت فين ، انتوا مش سامعين ولا ايه، هيطلعونا دلوقتي وهنلاقي البنت ، يا سنية


تخفت الأصوات مع حلول الليل، ولا يتبقى سوى صوت جهاز راديو، تنصت له بهية..........أعزائي المستمعين ورد اليا الآن الخبر التالي ، عثرت قوات الإنقاذ على جثة فتاة رضيعة لا يتجاوز عمرها 7 أيام وبجوارها أكياس فيما يبدو انها أكياس سبوع. هذا وقد صرح المسئولين ان كل من المتضررين من الحادث سيحصل على تعويض 5000 جنية إلى جانب شقة من المساكن المجهزة لسكان الحي........


بهية: فتوح، سنية، سامعينن هناخد شقة.............هناخد شقة...........هناخد شقة.


-------------------------------------------------------------------------------------------------


نسألكم الفاتحة لشهداء الدويقة.......................

------------------------------------------------------------------------------------------------

تناثرت حولي مرايا الموت والميلادِ


قد كان آخر ما لمحت على المدى


والنبض يخبو صورة الجلادِ


قد كان يضحك والعصابة حوله


وعلى امتداد النهر يبكي الوادي


فصرخت والكلمات تهرب من فمي


.هذه بلاد لم تعد كبلادي


فاروق جويدة

هناك 5 تعليقات:

فارس بلا جواد يقول...

تصوير مؤثر للأحداث .. هكذا حال الدنيا ناس تحيا بالقصور وناس تحيا بالعشش وتهدم فوق رأسها
أكيد أبيات فاروق جويدة مناسبة جدا للقصة
سلمت يداك
تحياتي

blue-wave يقول...

قصه هايله ومعبرة
وكلمات فاروق جويدة معبرة جدااااا
تسلم ايدك

princess يقول...

هذه بلادى لم تعد كبلادى
فعلا
حسب الله ونعم الوكيل اللهم ما ارحمهم امين
تحياتى

ولد مصري يقول...

القصة اللي كتباها جميلة جدا

لكن للاسف إن القصة الواقعية بشعة

مش عارف اقول ايه غير ربنا يرحمهم ويرحمنا معاهم

تحياتي

romansy يقول...

طب ف ايدينا اية نعملة
غير اننا ندعوا لهم بالرحمة والهداية

لو حسبنا هنحاسب مين
نحاسب الغلبانين الشقيانين
ولا نحاسب الناس المرفهين
اللى عايشين مرتاحين
منقولش غير كلمة واحدة
حسبى الله ونعم الوكيل